غني عن الذكر أن السنوات الماضية قد غيّرت معالم أوطاننا. التغير هنا يتعدى المعنى الجغرافي والاقتصادي، فضلًا عن مؤسسات الدولة... وإن كانت هذه المتغيرات خطيرة ومهمة، إلا أن التغير الذي أعنيه هو أشد وأمرّ مذاقًا، وأقصد به التغير في طبيعة الإنسان داخلنا.
حروب هنا وأخرى هناك، بمسميات كثيرة وأهداف "سامية" كما يتم تسويقها. نتائجها واحدة: تدمير الإنسان وإراقة الدماء.
هذه النزاعات، طالت في مداها أو قصرت، فهي ككل شيء لها بداية، عقدة، ثم حل ونهاية. لو افترضنا أن أول يوم من السنة القادمة هو النهاية لكل هذه الحروب، نهاية توافقية أو بتغلب طرف على الآخر، فإن اليوم التالي لنهاية هذه المحن سيستفيق فيه العالم عما أغمض عليه العين والأذن.
هناك جيل وُلِد ونما وتربّى في أتون الحرب، والحرب لا تخلق إلا الجوع، الفقر، الجهل، التهجير، الإذلال، وأمورًا أخرى أشد سوءًا. هذا الجيل الضائع، والذي تتراوح أعمارهم من السنة إلى الخامسة عشرة، هو جيل ضائع، سيكون عليه إصلاح ما أفسده جيل الآباء.
هل فكرنا في هذا الجيل؟ جيل يعاني من شتى الأمراض والإصابات الجسدية جراء الحروب، لكن هناك جانب خفي، وهو الأمراض النفسية، والتي تنمو وتزدهر في هذا النفق المظلم... نفق القتل والاقتتال.
سأحاول أن ألقي بعض الضوء على تأثير العنف المُعاش على جيل الحرب والرماد.
الحروب وآثارها النفسية
الحروب تزيد من ظهور المتاعب النفسية بشكل جلي، خاصة في الفئات الأكثر عرضة للضغوطات النفسية: النساء، الأطفال، كبار السن، وذوي الإعاقات.
هذه القابلية تتناسب طرديًّا مع حدة العنف المُعاش.
القدرة على التعامل وتقليل الأثر النفسي تختلف من إنسان لآخر، لكنها تزداد بوجود المساعدة النفسية، سواء من الأهل، أو المجتمع المحيط، أو من ذوي الاختصاص بالدعم النفسي. بالإضافة إلى توفر العلاج الجسدي من عدمه.
الضغط النفسي يتقلص أثره بوجود تماسك في المحيط العائلي والمجتمعي، وبفضل التكافل، وتفهم ومساعدة المحيطين.
قوة العزيمة والاعتقاد الديني تلعبان دورًا هامًا، خاصة في مجتمعاتنا العربية.
26/12/2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق