المحبة

الجمعة، 23 مايو 2025

العلاج المعرفي القائم على اليقظة الذهنية

https://dailyreadmahaba.blogspot.com/2025/05/blog-post_23.html

 

المقدمة: 

                                                                               

في غزة، حيث تتساقط القنابل بدل الأمن، ويصبح البقاء على قيد الحياة إنجازاً يومياً، يعاني الناس من ندوب نفسية عميقة لا تلتئم بسهولة. الألم لا يقتصر على الجرحى أو من فقدوا أحبّاءهم، بل يمتد إلى كل من يعيش هناك: أمهات ترتجف قلوبهن على أطفالهن، أطفال فقدوا براءتهم، ومُسنّون أنهكهم القصف والخوف. في هذا الواقع المأساوي، تبدو الصحة النفسية رفاهية مستحيلة، ولكن الحقيقة أن أدوات مثل العلاج المعرفي القائم على اليقظة الذهنية (Mindfulness-Based Cognitive Therapy - MBCT) ليست ترفاً، بل ضرورة.

ما هو العلاج المعرفي القائم على اليقظة الذهنية؟

MBCT هو أسلوب علاجي دمج بين التأمل الواعي (Mindfulness) والعلاج

المعرفي السلوكي (CBT)، وتم تطويره أساساً للوقاية من الانتكاسة في الاكتئاب المزمن. لكنه أثبت فعاليته أيضاً في التعامل مع القلق، التوتر، الألم المزمن، والتجارب الصادمة—وهو ما يعيشه أهالي غزة بشكل يومي. هذا النوع من العلاج لا يطلب منك أن تحل مشاكلك مباشرة، بل يعلمك كيف تلاحظ مشاعرك وأفكارك دون أن تغرق فيها. هو تدريب على أن ترى الألم دون أن تصبح أنت الألم.

لماذا نستخدمه في غزة؟

  • للناجين من الحرب: يساعدهم على التعامل مع ذكريات الفقد والقصف دون أن تعصف بهم نوبات هلع أو كوابيس متكررة.

  • لمن يعانون من الصدمة المزمنة: حيث يصبح الجسد والعقل في حالة تأهّب دائم، يتيح MBCT لهم فرصة لاستعادة الإحساس بالأمان ولو بشكل تدريجي.

  • للمُسعفين والمقدّمين للرعاية: وهم عرضة للإرهاق النفسي والاحتراق العاطفي، يجدون في اليقظة مساحة للتنفس وسط الفوضى.

  • للأطفال والمراهقين: عبر تبني تقنيات بسيطة تناسب أعمارهم، يمكن أن يتعلموا كيف يتعاملون مع الخوف والحزن بدل كتمه.

  • في قلب العاصفة: التأمل كفعل مقاومة

    في غزة، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الطائرات، حيث الأبرياء يُدفنون تحت

    الأنقاض، والأمل يُغتال مع كل شروق شمس، تبدو مفاهيم مثل الصحة

    النفسية رفاهية مستحيلة، ولكن الحقيقة أن أدوات مثل العلاج المعرفي

    القائم على اليقظة الذهنية

    (Mindfulness-Based Cognitive Therapy - MBCT) ليست

    ترفاً، بل ضرورة.

    في عالم ينهار، قد تكون قدرتك على الحضور اللحظي هي فعل المقاومة الأخير

    الذي تملكه. أن تستعيد جسدك، تنصت لأنفاسك، تراقب أفكارك دون


  • أن تبتلعك, كلها أفعال صغيرة، لكنها جوهرية في زمن الانهيار.

  • "اللحظة الحالية" أو "الوعي بالآن" وكأنها من عالم آخر. كيف نطلب من

    إنسان محاصر، مهدد، مفجوع، أن يتنفس بعمق ويلاحظ إحساس قدميه على

  • الأرض؟ لكن وسط هذا الجحيم، ربما لا يكون التأمل رفاهية، بل ضرورة.

    ربما يكون الوعي بالمكان والزمان والجسد طريقة للبقاء إنساناً، للبقاء

  • على قيد الحياة نفسياً، حين يفقد العالم عقله.

الفائدة المرجوة:

MBCT لا يعد بعالم بلا ألم، لكنه يمنح أدوات للتعامل مع هذا الألم بوعي،

رحمة، وقدرة أكبر على الصمود. إنه يعيد ربط الإنسان بنفسه وجسده،

ويعيد له سلطة فقدها تحت القصف والظلم. في بيئة فقدت فيها السيطرة

على كل شيء، تصبح اليقظة الذهنية تدريباً على استعادة ما يمكن

السيطرة عليه: النفس، اللحظة، وطريقة الاستجابة. الألم جزء من

الحياة، لكن يمكنك أن تتعلم كيف تتعامل معه بوعي، دون أن يجرفك

أو يسيطر عليك.

ومن هنا نبدأ…



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق