مقدمة
في ظلّ ضغوط الحياة اليومية، وتحديداً في مناطق مثل غزة أو أثناء تقديم الرعاية للآخرين، يصبح تشتت الذهن والقلق المزمن تحدّياً صعباً. في هذه المقالة، نقدم تمارين فعالة مستوحاة من برنامج العلاج المعرفي القائم على اليقظة (MBCT)، تهدف إلى تجميع الذهن، تقوية التركيز، وتخفيف التوتر والقلق من خلال ممارسات بسيطة وفعالة مثل التنفس الواعي والمشي اليقظ.
ما هو تشتت الذهن؟ ولماذا نحتاج لتجميعه؟
الذهن المشتت يتنقّل بين المخاوف المستقبلية والذكريات المؤلمة. هذا شائع في البيئات المليئة بالتوتر كـ مناطق الحرب، الرعاية الصحية، أو في حالات القلق المزمن. تعلمنا اليقظة أن نعيد انتباهنا إلى اللحظة الحاضرة — مراراً وتكراراً — وهذا يمنحنا شعوراً بالثبات الداخلي وسط الفوضى.
تمارين اليقظة الذهنية لتقوية التركيز وتخفيف القلق
1. تمرين التنفس الواعي (10–15 دقيقة يومياً)
اجلس في مكان هادئ وخذ وضعية مريحة.
ركّز على حركة تنفسك — الشهيق والزفير.
عندما تلاحظ تشتت الذهن، أعده برفق إلى التنفس.
لا تحكم على نفسك، فقط لاحظ وعد.
فوائده:
يساعد على تقليل التوتر، ويدربك على ملاحظة اللحظة الحالية دون الانغماس في الأفكار القلقة.
2. المشي اليقظ (10–20 دقيقة)
امشِ ببطء، وركّز على إحساس قدميك بالأرض.
لاحظ الأصوات والروائح والمشاهد حولك.
كلما شرّد الذهن، أعده بلطف إلى خطواتك.
في غزة مثلاً:
حتى المشي وسط الأنقاض يمكن أن يكون ممارسة يقظة إذا ركّزت على خطواتك وتنفسك. هذه اللحظات البسيطة تصنع فارقاً كبيراً في التوازن النفسي.
3. ممارسة اليقظة أثناء المهام اليومية
اختر نشاطاً عادياً مثل الطهي أو تنظيف المنزل وكن حاضراً أثناءه بالكامل.
مثال:
أثناء إعداد الطعام، لاحظ رائحة المكونات، إحساس اليدين، وصوت التحريك. كلما لاحظت تشتت الذهن نحو الخوف أو الذكريات، خذ نفساً عميقاً وعد بلطف.
المفاهيم الأساسية
الأفكار ليست حقائق
ليست كل فكرة تعني الحقيقة. فكرة مثل "أنا ضعيف" أو "لن أتحمل" مجرد حدث ذهني يمكن ملاحظته دون التصديق به.
الرحمة مع النفس
تشتت الذهن طبيعي، والمفتاح هو العودة بلطف مرة تلو الأخرى. كل عودة هي تقوية للوعي، خاصةً في البيئات الصعبة.
نصائح خاصة للمقدّمين للرعاية وسكان غزة
مقدّمو الرعاية:
تنقلك المستمر بين المهام قد يرهقك. مارس التنفس الواعي بين كل مهمّة وأخرى، لبناء حضور وتخفيف التوتر.
الأطفال والعائلات في غزة:
علّم أطفالك العدّ مع التنفس، أو استخدام لمسة اليد، صوت الطيور، أو دفء البطانية كمرساة. هذه ممارسات بسيطة لكن فعالة في بناء الأمان النفسي.
جدول الممارسة اليومية
نوع التمرين | المدة المقترحة |
---|---|
التنفس الواعي | 10–15 دقيقة يومياً |
المشي اليقظ | 10–20 دقيقة |
ممارسة أثناء المهام | 5–10 دقائق |
دفتر تأمل يومي | مراجعة 5–10 دقائق |
خاتمة: اليقظة كأداة للثبات في بيئات غير مستقرة
اليقظة لا تُغيّر الواقع الخارجي، لكنها تغيّر علاقتنا به. كل مرة تعود فيها إلى تنفسك، إلى خطواتك، أو إلى اللحظة، تستعيد جزءاً من قوتك الداخلية.
في أماكن كغزة، أو أثناء تقديم الرعاية، يصبح جمع الذهن عمل مقاومة داخلية — يرفض أن يستهلكك الخوف
.الملخص هذا الأسبوع
يدور حول تعلم كيفية التعامل مع الذهن المتشتت. في عالم متشظي — سواء بسبب متطلبات الرعاية أو الحرب — من الطبيعي أن نشعر بالتفتت. اليقظة لا تهدف لإيقاف الفوضى الخارجية، بل لترسيخ الانتباه في الداخل. كل مرة تلاحظ فيها وتعيد انتباهك، تستعيد قوتك وإنسانيتك. حتى وسط الدمار، يبقى نفسك ملكك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق